إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
محاضرات بعنوان: عناية السلف بالحديث الشريف
14269 مشاهدة
حال الصحابة في تلقي الحديث

أولا نعرف أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه مما علمه الله، ويبين لهم أمور دينهم وأمور عباداتهم في سفره وفي إقامته، فكان دائما أو كثيرا يجلس في المسجد في أكثر النهار، وكانوا يأتونه حلقات. يجلسون ويقرئهم القرآن، ويبين لهم معاني القرآن، ويبين لهم قصصا وأحكاما وآدابا دينية، ويضرب لهم الأمثال، ويفقههم ويحثهم على التفقه، ويحثهم على التعلم، ويقرأ عليهم ما تجدد من القرآن؛ ما نزل كل يوم أو كل أسبوع، وكانوا يحرصون على حضور تلك الحلقات، ويندمون إذا فاتهم شيء من ذلك. كان بعضهم يشتغل في تجارة وينمي أمواله بالتجارة؛ ومع ذلك كانوا يحرصون على الحضور، أو ينوبون مكانهم من يحضر.
في حديث عمر أنه كان نازل أي: في العوالي قرب بعض الأسواق، ثم كان له جار من الأنصار فكان يدخل يوما، ويأتي بما تجدد. يدخل الأنصاري يوما ويأتيه بما تجدد. إذا كان يوم عمر ترك السوق في ذلك اليوم، وحضر مجلس النبي صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي ذلك المجلس، وجاء بخبر ذلك اليوم، وأخبر الأنصاري: نزل من القرآن كذا. تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكذا. حدث من الأمور كذا وكذا وهكذا، وإذا نزل الأنصاري جاءه بالأخبار التي تجددت في ذلك اليوم؛ هكذا ذكر في حديث ابن عباس الذي رواه عنه، وإذا فاته شيء أسف على ذلك.
في حديث أبي موسى أبو موسى الأشعري أسلم سنة سبع، ومع ذلك حفظ من النبي صلى الله عليه وسلم أحكاما. ذَكَرَ أنه جاء مرة وطرق باب عمر وعند عمر بعض الصحابة فتكلم ثلاث مرات: السلام عليكم أأدخل؟ ثلاث مرات فلم يؤذن له فرجع. كان عمر قد سمعه فسأل أين هو؟ فقالوا: رجع. عند ذلك أرسل إليه لماذا رجعت؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع هذا الحديث ما سمعه عمر ولا علم به؛ فأمره بأن يأتي بمن يشهد معه بسماع هذا الحديث.
يقول: فذهبت إلى مجلس من الأنصار فسألتهم فقالوا: لا يذهب معك إلا أصغرنا. أي أنهم كلهم يعرفون، وقد سمعوا هذا الحديث فأرسلوا معه أبا سعيد فشهد بذلك، فقال عمر: كيف فاتتني هذه السنة؟ شغلني عنها الصفق بالأسواق يعني: الاشتغال في التجارة؛ فهذا دليل على أنهم كانوا يحرصون على ألا يفوتهم شيء من العلم، ويبادرون إلى حضور الحلقات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم فيها أصحابه وهكذا.